أهمية الفتوح الإسلامية ركز الإسلام في نفوس أتباعه المؤمنين مبدأ العزة، وجعل شعورهم بها شعارا، ولا بد لهذه العزة أن تبقى وتنتشر بين الشعوب المضطهدة المظلومة، والجهاد هو وسيلة بثها ونشرها، وجعل الإسلام لهذه العزة مؤيدات، والعزة لا تعني الاستعلاء أو البغي، ومع ذلك فهي قائمة على القوة وجاعلة هدفها السلم في العلاقات الدولية
مصر قبل الفتح الإسلامي قبل الحديث عن الفتح الإسلامي لمصر، لا بد من الوقوف أولاً على أحوال مصر قبل ذلك الفتح، سواء الأحوال السياسية أو الاقتصادية أو الاجتماعية؛ وذلك ليتسنى لنا الوقوف على طبيعة الفتوحات الإسلامية وماهيتها بالمقارنة بغيرها من الحروب وأنواع الاحتلال، وفي الوقت ذاته إبراز العوامل التي من شأنها أن تؤثر في حركة الفتح سلبا أو إيجابا.
دوافع فتح مصر لم يكن فتح مصر عشوائيًّا، وإنما كان ذلك بخطة محكمة ودراسة مسبقة، ويرجع السبب في ذلك إلى عدة عوامل؛ منها ما هو ديني أو عسكري أو سياسي أو اقتصادي أو غير ذلك. ولعل الدافع الديني كان متمثلا في رغبة المسلمين في الاضطلاع بأعباء الدعوة الإسلامية العالمية، وضرورة أداء أمانة تبليغها إلى العالمين لإبراء الذمة أمام الله.
علاقة مصر بالدولة الإسلامية جاء الفتح الإسلامي لمصر عام 640 - 642م، وهذا الفتح لم يكن على أي نسقٍ سابق أو لاحق، وبالرغم من أن الفتح الإسلامي قد محا كل أثر لأي غزو سابق، وبالرغم من أن مصر تعرضت لغزوات واحتلال بعد ذلك، فإن أيا منها لم يستطع أن يغير شيئا من نتائج الفتح الإسلامي على يد عمرو بن العاص في عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنهما.
عمرو بن العاص .. فاتح مصر كان من فرسان قريش وأبطالهم المعدودين، وكان شاعرا حسن الشعر، حفظ عنه الكثير في مشاهد شتى. كما كان معدودا من دهاة العرب وشجعانهم وذوي ارائهم، ولذلك أرسلته قريش إلى النجاشي ملك الحبشة ليرد عليهم من هاجر من المسلمين إلى بلاده. ولما أسلم كان النبي صلي الله عليه وسلم يقربه
من الفرما.. إلى حصن بابليون بعد موافقة الخليفة عمر والمجلس العسكري على فتح مصر وخطة الفتح، تحرك الجيش الإسلامي بقيادة عمرو بن العاص وتحت قيادته دون أربعة الآلاف مقاتل معظمهم من الفرسان. سار عمرو بجيشه من قيسارية، حتى إذا مر بجبل الحلال قبل أن يبلغ العريش، وكانت تنزل به قبائل من راشدة ومن لخم انضمت إليه، فأصبحت قواته أربعة آلاف سار بهم إلى مصر.
حصار حصن بابليون وصل عمرو بن العاص بجيشه حتى حصن بابليون، وكان الروم قد خندقوا حول حصنهم خندقا وجعلوا له أبوابا، ونثروا بأفنية الأبواب موانعَ للخيل والرجال، فقسم عمرو أصحابه ليوهم الروم أنهم أكثر عددا، فلما بلغ خندقهم نادوه من فوق الحصن: إنا قد رأينا ما صنعت، وإنما معك من أصحابك كذا وكذا. فلم يخطئوا برجل واحد.
أوضاع مصر الإدارية والاقتصادية والثقافية بعد الفتح المسلمون لم يأتوا إلى مصر لابتزاز أموال أهلها، ولا لاستنزاف ثرواتهم، وقد اتضح منذ المفاوضات المبكرة مع المقوقس أنهم ليسوا طلاب دنيا، ولا راغبي مال، وإنما هم أهل دعوة ورسالة سامية، وقد كانت هذه المعاني سياسة ثابتة في عهد عمر رضي الله عنه الذي كان يميل إلى فتح البلدان صلحا إذا أمكن تجنب فتحها عنوة.
فتح حصن بابليون بعد حصار دام سبعة أشهر، استطاع الزبير ومحمد بن مسلمة وقلة من بني حرام دخول حصن بابليون، وكبروا تكبيرة خلعت القلوب، فعرض المقوقس الصلح، واستجاب المسلمون إنفاذا لوصية عمر، وبرر المقوقس استسلامه للمسلمين بقوله: إن الرجل الواحد منهم ليعدل مائة رجل منا، ذلك أنهم قوم الموت أحب إلى أحدهم من الحياة.
فتح الإسكندرية كانت مدينة الأسكندرية عاصمة لمصر منذ أنشأها الإسكندر الأكبر عند بلدة راكوتيس التي يرجع تاريخها إلى 1500 ق.م، كما أضاف ضاحية نيوبوليس إلى غربها، وقد أقامها لتحل محل نوكراتيس كمركز للثقافة اليونانية في مصر، وفي العصر الروماني صارت المدينة الثانية بعد روما، وبقيت تحت سلطان الرومان أكثر من قرن من الزمان.
إنشاء الفسطاط تقع مدينة الفسطاط في إقليم مصر على ساحل النيل في طرفه الشمالي الشرقي، قبل القاهرة بحوالي ميلين، وكان النيل عندها ينقسم إلى قسمين اثنين، وموضعها كان فضاء ومزارع بين النيل والجبل الشرقي، ليس فيه من البناء والعمارة سوى حصن بابليون الذي يطل على النيل من بابه الغربي الذي يعرف بباب الحديد.
أثر الفتح الإسلامي على أوضاع الأقباط تعرض الأقباط في مصر قبل الفتح الإسلامي لاضطهاد قاس على أيدي البيزنطيين، ومن ثم رأوا في القوة الإسلامية الداخلة الأمل بالخلاص مما هم فيه، فساندوها، ولكن هذه المساندة كانت صامتة في بادئ الأمر، أي حيادية. وشكلت انتصارات المسلمين وإخضاعهم البلاد نصرًا دينيًّا للأقباط، حيث غادر البلاد عدد كبير من البيزنطيين.
مصر مقارنة بالدول التي لم يدخلها الفتح لقد أطبق على أوربا ليل حالك من القرن الخامس إلى القرن العاشر، وكان هذا الليل يزداد ظلاما وسوادا. ولقد كانت همجية ذلك العهد أشد هولا وأفظع من همجية العهد القديم؛ لأنها كانت أشبه بجثة حضارة كبيرة قد تعفنت، حتى الأقطار الكبيرة التي ازدهرت فيها الحضارة وبلغت أوجها في الماضي صارت فريسة الدمار والخراب.
مصر في عهد عمرو بن العاص لعبت مصر في عهد الفاتح عمرو بن العاص رضي الله عنه دورا رئيسا في الخلافة الإسلامية، ولما كان عام الرمادة استنجد أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه بعمرو بن العاص فما كان منه إلا أن أجاب وأرسل قافلة أولها عن أمير المؤمنين عمر وآخرها عنده في مصر، وهذا بخلاف السفن المحملة بالدقيق والزيت والسمن.
الأوضاع الإدارية والاقتصادية والثقافية المسلمون لم يأتوا إلى مصر لابتزاز أموال أهلها، ولا لاستنزاف ثرواتهم، وقد اتضح منذ المفاوضات المبكرة مع المقوقس أنهم ليسوا طلاب دنيا، ولا راغبي مال، وإنما هم أهل دعوة ورسالة سامية، وقد كانت هذه المعاني سياسة ثابتة في عهد عمر رضي الله عنه الذي كان يميل إلى فتح البلدان صلحا إذا أمكن تجنب فتحها عنوة.
إعادة فتح الإسكندرية.. ودعوى حرق مكتبتها لم يكد عبد الله بن سعد بن أبي سرح يستقر في ولاية مصر حتى غدر الروم فيها، فأنفذ قسطنطين قائده الأرمني منويل إلى الإسكندرية على رأس جيش كثيف، ولقلة من كان بها من حامية المسلمين استولى عليها، وأخذ هو وجنده ومن انضم إليهم من الروم المقيمين في الوجه البحري يعيثون في هذه البلاد حتى بلغوا مدينة نقيوس.