[size=21]مُسْتَبْشِرِين بِقُدُوْم هَذَا الْشَّهْر الْفَضِيل و لَيَالِيْه .
[size=25]الْمَعْنَى الْأَصْلِي « لِلْفَانُوس »
كَمَا ذَكَر الْفَيْرُوْز آَبَادِي فِي « الْقَامُوْس الْمُحِيْط » هُو « الْنَّمَّام ».
و يُرَجَّح صَاحِب الْقَامُوْس أَن تَكُوْن :
تَسْمِيَة « الْفَانُوس » بِهَذَا الْاسْم
رَاجِعَة إِلَى أَنَّه يُبْدِي و يَظْهَر حَامِلَه وَسَط الْظَّلام .
و الْكَلِمَة بِهَذَا الْمَعْنَى مَّعْرُوْفَة فِي بَعْض الْلُّغَات الَسَّامِيَة ،
إِذ يُقَال « لِلْفَانُوس » فِيْهَا :فَنَاس .
و أَحَد الفَوَانيس :
« فَانُوْس الْسُّحُوْر »
و كَان فِي الْأَصْل يُعَلِّق بِالْمَآَذِن مُضَاءَا و هَّاجَا ،
فَإِذَا غَاب نُوْرَه كَان ذَلِك إِيْذَانَا ،
بِوُجُوْب الْإِمْسَاك وَ الْكَف عَن الْمُفْطِرَات .
لَكِن الْيَوْم اسْتَعَاض عَنْه الْنَّاس بِالْثُرِيَات الْكَهْرَبَائِيَّة .
][ أَصْل الْفَانُوس ][
و ثَمَّة قِصَص عِدَّة عَن أَصْل « فَانُوْس رَمَضَان » ،
تَقُوْل إِحْدَاهَا :-
إِن الْخَلِيفَة الْفَاطِمِي كَان يَخْرُج إِلَى الْشَّوَارِع لَيْلَة الْرُّؤْيَة
لِيَسْتَطْلِع هِلَال شَهْر رَمَضَان ،
و كَان الْأَطْفَال يَخْرُجُوْن مَعَه لِيُضِيّؤا لَه الْطَّرِيْق ،
و كَان كُل مِنْهُم يَحْمِل فَانُوْسَه ،
و يُغَنُّوْن مَعَا بَعْض الْأَنَاشِيْد الْجَمِيْلَة ،
تَعَبِيْرا عَن سَعَادَتِهِم بِاسْتِقْبَال شَهْر رَمَضَان .
وَ فِي قِصَّة أُخْرَى :-
عَن أَحَد الْخُلَفَاء الْفَاطِمِيِّين ،
أَنَّه أَرَاد أَن يُضِيْء شَوَارِع الْقَاهِرَة ،
طَوَال لَيَالِي شَهْر رَمَضَان ،
فَأَمَر كُل شُيُوْخ الْمَسَاجِد ،
بِتَعْلِيْق فَوَانِيِس تُضَاء بِشَمُوع تُوْضَع فِي دَاخِلِهَا .
و تُرْوَى قِصَّة ثَالِثَة :-
أَنَّه خِلَال الْعَصْر الْفَاطِمِي ،
لَم يَكُن يُسْمَح لِلْنِّسَاء بِتَرْك بُيُوْتِهِن إِلَا فِي رَمَضَان
و كَان يَسْبِقُهُن غُلَام يَحْمِل فَانْوَسَا لِتَنْبِيْه الْرِّجَال
بِوُجُوْد سَيِّدَة فِي الْطَّرِيْق كَي يَبْتَعِدُوْا ،
و هَكَذَا كَانَت الْنِّسَاء يَسْتَمْتِعْن بِالْخُرُوْج
و فِي الْوَقْت نَفْسِه لَا يُرَاهِن الْرِّجَال .
و بَعْد أَن أَصْبَح لِلْنِّسَاء حُرِّيَّة الْخُرُوْج فِي أَي وَقْت ،
ظَل الْنَّاس مُتَمَسِّكِيْن بِتَقْلِيْد الْفَانُوس
لِذَا يَحْمِل الْأَطْفَال الفَوَانيس و يَمْشُوْن فِي الْشَّوَارِع و يُغَنُّوْن .
و أَيُّا كَان أَصْلُه
يَظَل الْفَانُوس رَمْزَا خَاصَّا }*~ بِشَهْر رَمَضَان ،
خَصَوْصَا فِي |[ مِصْر ]|.
و قَد انْتَقَل هَذَا الْتَّقْلِيد مِن جِيْل إِلَى جِيْل ،
كَمَا انْتَقَلَت فِكْرَة الْفَانُوس الْمِصْرِي إِلَى غَالِبِيَّة الْدُّوَل الْعَرَبِيَّة
و أَصْبَح أَحَد تَقَالِيْد الْشَّهْر الْفَضِيل .
][ صِنَاعَة الفَوَانيس ][
بَدَأَت صِنَاعَة الفَوَانيس ،
مُنْذ الْعَصْر الْفَاطِمِي تَتَّخِذ مَسَارَا حَرْفِيّا ،
فَظَهَرَت طَائِفَة مِن الْحِرَفِيِّيْن فِي هَذَا الْمَجَال ،
بِأَشْكَالِه الْمُتَعَدِّدَة و تَزْيِيْنِه و زَخْرَفَتْه ،
و لَم يَتَشَكَّل الْفَانُوس فِي صُوْرَتِه الْرَّاهِنَة
إِلَا فِي نِهَايَة الْقَرْن الْتَّاسِع عَشَر .
و أَصْبَح يُسْتَخْدَم ، إِلَى جَانِب لَعِب الْأَطْفَال ،
فِي تَزْيِيْن الْشَّوَارِع لَيْلَا و إِضَاءَتِهَا ،
كَمَا كَانَت وَظِيْفَتَه الْأَصْلِيَّة ،
خِلَال رَمَضَان عَلَى رَغْم وُجُوْد وَسَائِل الْإِضَاءَة الْحَدِيثَة ،
و ارْتَبَطَت صِنَاعَة الْفَانُوس فِي الْقَاهِرَة الْفَاطِمِيَّة بِأَحْيَاء الْدَّرْب الْأَحْمَر .
][ هَيْئَة الْفَانُوس[size=25] ][
يُصْنَع هَيْكَل الْفَانُوس مِن الصَّفِيح لِّسُهُوْلَة قِصَّه و خِفَّتِه ،
و يُزَيِّن بِنُقُوش دَقِيْقَة عِنْد قَاعِدَتِه و قُمَّتَه ،
و تَعْلُوْه « عَلَاقَة » مُسْتَدِيْرَة لِحَمْلِه ،
تَلِيْهَا « الْقُبَّة » ،
و تَتَكَوَّن عَادِة مِن شَرَائِح رَقِيْقَة ،
قُصَّت لِتَصْطف إِلَى جُوَار بَعْضُهَا بِدِقَّة و إِتْقَان ،
و قَد تَتَدَلَى مِن حَوَاف هَذِه الْقُبَّة ،
كُحْلِيَّة شَرَائِط مُسْتَطِيْلَة تُسَمَّى « دَلايَات ».
بَعْض الفَوَانيس :
يَتَمَيَّز بِبَاب لِوَضْع الْشَّمْع دَاخِلِه فِي « الْشَّمَّاعَة » ،
الَّتِي يَحِل مَكَانَهَا فِي الفَوَانيس الْأُخْرَى مَا يُسَمَّى « عِرْق » ،
و هِي قَاعِدَة يُسَهَّل فَصَلِّهَا عَن الْفَانُوس تُسَمَّى « كَعْب » .
و مَن الفَوَانيس :
مَا يَصْنَع بِشَرَائِح مُثَلَّثَة تُسَمَّى « مَشْطُوبَة » ،
يَلِيْهَا زُجَاج وَاجِهاتِه ،
و هُو إِمَّا عَدَل أَو مَحْرُوْد أَو بَيْضَاوِي الشَّكْل و يُسَمَّى « لَوْح » .
تَفَنَّن الْصَّانِع فِي إِعْدَاد الْفَانُوس بِأَشْكَال شَتَّى ،
و أَنْمَاط مُتَعَدِّدَة لِكُل مِنْهَا اسْم مُعَيَّن ،
و فِي الفَوَانيس كَبِيْرَة الْحَجْم ،
كَان الْحَرْفِي يُحْرَص عَلَى تَسْجِيْل اسْمُه عَلَيْهَا .
و أَصْغَر فَوَانِيِس رَمَضَان حَجْمَا
يُسَمَّى « فَانُوْس عَادِي »
و هُو فَانُوْس رُبَاعِي الشَّكْل و قَد يَكُوْن لَه بَاب ،
ذُو مِفْصَلَة وَاحِدَة ، يُفْتَح و يُغْلّق لِوَضْع الْشَّمْعَة دَاخِلَه ،
أَو يَكُوْن ذُو كَعْب و لَا يُتَعَدَّى طُوِّلُه الْعَشَرَة سَنْتِيْمِتْرَات ،
أَمَّا أَكْبَرُهَا فَيُسَمَّى « كَبِيْر بِأَوْلَاد »
وَ هُو مُرَبَّع عُدّل وَ فِي أَرْكَانِه الْأَرْبَعَة ،
فَوَانِيِس أُخْرَى أَصْغَر حَجْمَا و « مُقَرْنس » ،
و هُو بِشَكْل نَجْمَة كَبِيْرَة مُتَشَعِّبَة ذَات 12 ذِرَاعا .
][ أَسْمَاء الفَوَانيس ][
و لِلْفَانُوس الْعَدِيْد مِن الْاسْمَاء مِنْهَا :-
أَبُو شَرَف - أَبُو عِرْق - أَبُو لمَوز - أَبُو حَشْوَة -
المُسَدس - الْصَّارُوْخ - الدَّبَّابَة - شُقَّة الْبِطِّيخ -
أَبُو نَجْمَه - عَلَامَة الْنَّصْر - أَبُو لَجْم - الْتِّرَّام،
أَمَّا أَشْهُر الْأَسْمَاء كُلَّهَا فَهُو « أَبُو وَلَّاد » .
و ارْتَبَطَت أَشْكَال الفَوَانيس ،
بِبَعْض الْأَحْدَاث الَّتِي تَأَثُّر بِهَا الْصَّانِع الْشَّعْبِي ،
خُصُوْصَا الْمُرْتَبِطَة مِنْهَا بِالْحَرْب ضِد الْعَدُو .
مَثَلا :-
ثُمَّة فَوَانِيِس عَلَى شَكْل الدَّبَّابَة و الْطَّائِرَة و الْصَّارُوْخ ،
و مِن بَيْنِهَا الْخُمَاسِيَّة الشَّكْل و الْسُّدَاسِيَّة ،
و بَعْضُهَا أُطْلِق عَلَيْه عَلَّامَة الْنَّصْر ،
و هُو عَلَى شَكْل الْعَدَد سَبْعَة رَمْزَا لْعَلامَة الْنَّصْر .
و فِي الْسَّنَوَات الْخَمْس الْأَخِيْرَة :-
انْتَشَر فِي الْأَسْوَاق الْمِصْرِيَّة خُصُوْصَا و الْعَرَبِيَّة عُمُوْمَا
لَعِب الْصِيْنِيَّة و أَسِيَوّيّة قَبْل قُدُوْم شَهْر رَمَضَان الْمُعَظَّم ،
بَدِيْلَة لِلْفَانُوس الْبَلَدِي ( الْصَّاج ) ،
الَّذِي يُعْتَبَر أَحَد مَعَالِم الْتُّرَاث الْمِصْرِي الْقَدِيم ،
مُنْذ عَهْد الْدُّوْلَة الْفَاطِمِيَّة .
كَذَلِك ظَهَرَت أَشْكَال جَدِيْدَة و دَخَيْلَة مِن الفَوَانيس ،
مُسْتَوْرَدَة مِن الْصِين و تَايْوَان و هَونْغ كونْغ و أَنْدُوْنِيْسْيَا ،
و هِي مَصْنُوْعَة مِن الْبْلاسْتِيك ،
و تَتَّخِذ أَحْجَام تَبْدَأ مِن الْصَّغِيْر جَدَّا ،
و الَّذِي قَد يُسْتَخْدَم كَعَلَاقَة مَفَاتِيْح ،
إِلَى الْأَحْجَام الْمُتَوَسِّطَة و الْكَبِيْرَة نَسَبِيَّا ،
و تُضَاء جَمِيْعَهَا بِالبَطّارِيّة و لَمْبَة صَغِيْرَة ،
و تَكُوْن أَحْيَانَا عَلَى شَكْل عُصْفُوْرَة أَو جَامَع ،
أَو غَيَّر ذَلِك مِن أَشْكَال تَجْذِب الْأَطْفَال ،
و مُزَوَّدَة بِشَرِيْط صَغِيْر يُرَدِّد الْأَغَانِي و الْأَدْعِيَة الْرَّمَضَانِيَّة ،
فَضْلَا عَن بَعْض الْأَغَانِي الَشَبَابِيَّة الْمَعْرُوْفَة لِلْمُغَنِّين الْحَالِيِّيْن .