العمر لحظة
ــــــــــــــ
غادرت منزلي في أول ساعات الصباح كالعاده ثم إستقليت الحافلة المعتادة التي تقطع بي تلك المسافه الكبيرة مابين منزلي ومكان عملي وما أن صعدت إلى تلك الحافلة حتى اخترت لنفسي اقرب كرسي خالي وارتميت عليه وأنا ازفر نفسا طويلا ثم أغمضت عيناى ورميت راسي للخلف عشما في أن يزورني النوم ولو لدقائق قليلة فقد كنت في شدة التعب من ساعات العمل الطويلة وساعات النوم القليلة وقد حاولت أن أتماسك طوال الأسبوع حتى انهارت قواي تماما فاستيقظت اليوم متأخرة أكثر من نصف ساعة عن
موعدي مما سيتسبب في تلف برنامج اليوم بأكمله ولذلك ارتديت أول ما
وقعت يدي عليه من خزانه ملابسي دون اهتمام حتى بتناسق الألوان ولم
أعطى وجهي جرعه من الاهتمام أكثر من اننى غسلته بعض من الماء الفاتر لم أكلف نفسي اليوم عناء النظر في المرآة ولو لمرة واحدة. وبعد محاولات للدخول في النوم باءت كلها بالفشل قررت أن أحاول أن أفيق واستعد لبدء يوم جديد بكل تفاصيله وإحداثه فاعتدلت في جلستي ونظرت بجانبي لأشاهد الطريق من النافذة ...وكانت المفاجأة الكبرى...فقد وجدت بجانبي يجلس رجلا هارباً من أروع القصص الخيالية الشهيرة رجلاً فريداً ساحراً كل تفصيله فيه تحفه أصليه في أكبر متحف بالعالم، رجلاً رؤيته جعلتني أظن اننى أحلم ولكني أدركت سريعا انه أجمل وارقي من أي حلم قد يصوره أي عقل انه تماما الرجل الذي كنت ابحث عنه وأتمناه منذ تعلمت ان اختار. فكل فتاة على وجه الأرض ترسم في خيالها صورة للرجل المثالي التي تود قضاء الحياة كلها بجانبه ثم تقضى وقتها في مقارنه بين الرجال اللذين تقابلهم في حياتها وبين تلك الصورة المثالية واقرب من يكون لتلك الصورة يفوز بقلبها على الفور و ها أنا قد وجدت أمامي اصل الصورة انه هو ذلك الفارس المنتظر وهو أيضا ذلك الحصان الأبيض النادر واعتذر منك لأنني لن أصف ملامحه فأنني قد اظلمه أن وصفته بالكلمات والأحرف الدارجة أو حتى أن رسمته بماء الذهب لقد تحجرت عندما رأيته ثم تفتتت تماما عندما تلاقت عينانا فى نظره منه لم تاخذ سوى لحظه واحده لم اعد احسب الوقت من بعدها لقد أعطاني نظرة واحدة ولم يكررها فلم أكن أنا في الهيئة التي تشجع رجلاً أن يعيد النظر اليها.
لم استطع أن ابعد نظري عنه طوال الساعة التي أخذتها الحافلة كي تصل بنا إلي مكان الافتراق وربما تظنون أنني ابالغ بشده لكنها حقا كانت أسوأ لحظه مررت بها في حياتي عندما غاب من أمام نظري وسط تلك الطرقات التي لا تستحق أن يمر بها. وظللت من يومها استقل ذات الحافلة في ذات الميعاد يوميا وأنا في أبهي صوري وعلى أتم استعداد لمقابلته لمدة عام كامل ولكن الله شاء ألا أراه ثانيه والله وحدي يعلم كم تحسرت عليه لأنني قد أضعت فرصتي معه فقط لأنني تكاسلت ليوم واحد وأهملت في نفسي ولا يمر على يوم دون أن أفكر مجددا بما كان ممكن لن يحدث لو كنت قضيت خمسه أو عشره دقائق أكثر وأنا أحاول أن أجمل مظهري أو اضبط ملابسي من يدري ..؟ فلربما كان عاد إلى ثانيه فوجد بي شئ كان لطالما يبحث عنه مثلما وجدت أنا فيه ...
بالطبع أنا أؤمن بان كل شئ نصيب وان ما يقدره الله في كتاب الحياة لا يمكن للمرء أن يمحوه ولكني أؤمن أيضا بان الله يسبب الأسباب وانه عندما يهمل المرء في أي شئ فان الله يعاقبه بضياع فرصه من يبن يديه ويومها تعلمت شيئا لازمني بقيه حياتي هو انه ليس هناك من شئ أسوأ من الإهمال فلا يجب على المرء أن يهمل أحدا أو يحتمل أن يهمله أحدا أو يهمل في حق احد والأهم على الإطلاق أن لا يهمل في حق نفسه..
كل فرصه تأتى إلى الإنسان ليتطور ويحسن من نفسه هى رسالة واضحة من الله، انه عز وجل يريده أن يكون أفضل فلا ضرر أن تأتيك الفرصة وترحل عنك لان الله لم يكتب لك أن تحوز فوائدها لكن الخطأ الحقيقي أن تأتيك الفرصة فتجدك مهملاً أو متكاسلاً أو غير مستعد لملاقاتها فتنكر عليك وتتركك وترحل والفرصة الحسنه كالمرأه شديدة الجمال شديدة الغرور عندما تأتيك مرة وترحل عنك لا تعود اليك ثانيهً أبداً.